المخطط العام
مقدمة
I-أطوار الحملة الفرنسية على الشام.
II- مجزرة يافا
الهوامش
قائمة المصادر والمراجع
مقدمة
لقد كان وضع في بلاد الشام متقلبا فبعد أن أصبحت ولايات عثمانية منذ سنة 1516 بدأت الهيمنة العثمانية تتراجع شيئا فشيئا على حساب المماليك أو جماعات من المحليين الذين حاولوا السيطرة على المنطقة خاصة وأنه مع بدايات القرن 18 م بدأت الدولة العثمانية تعيش فترة من الضعف الذي انعكس على بلاد الشام من جهة أخرى ففي العالم القديم كان الصراع على أشده بين الدول الأوربية التي بدأت تنهض بقوة وبرزت منافسة عالمية خاصة بين الإنجليز من جهة الذين تمكنوا من احتلال الهند و الفرنسيين من جهة أخرى الراغبين في احتلال مصر لضمان السيطرة الملاحية وإضعاف الإنجليز. في هذا الإطار تعد الحملة الفرنسية على الشام استمرارا للحملة الفرنسية على مصر التي تعد فاتحة الاستعمار الأوربي الحديث في المشرق العربي. وشكلت حلقة من حلقات التنافس والصراع الاستعماري بين فرنسا وبريطانيا وقد نجح القائد الفرنسي نابليون بونابرت في احتلال مصر في شهر جويلية 1798 قاد حملة على الشام في شهر فيفري 1799 ويهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على هذه الحملة التي كانت فلسطين مسرحا رئيسا لعمليتها العسكرية خاصة وأن معظم الدراسات التي تحدثت عن هذه المسألة تميزت بالتركيز على حملة على مصر وتناولت الحملة على الشام بشكل مقتضب وفي هذا المقال محاولة لتتبع مسار هذه الحملة دون الإغراق في التفاصيل العسكرية كما تسعى في هذا المقال إلى ذكر المجزرة التي قام بها الجيش الفرنسي في مدينة يافا. فماهي أطوار الحملة الفرنسية على فلسطين؟
I - أطوار الحملة الفرنسية على الشام:
في بداية يجب أن نوضح التقسيم الإداري لبلاد الشام وتحديدا لفلسطين موضوع مقالنا هذا فقد خضعت هذه الأرض في هذه الفترة الى الحكم العثماني كان التقسيم الإداري وفق الأمر التالي حيث تتبع فلسطين إداريا ولاية الشام وهي واحدة من ثلاث ولايات أنشأها العثمانيون بعيد سيطرتهم على المنطقة إضافة إلى ولايتين آخرين هما حلب وشام تجدر الإشارة ان هذا التقسيم استمرار لما هو عليه زمن المماليك ضمت فلسطين 5 صناجق أو أولية وحدة إدارية تركية تكون ضمن الولاية وهي القدس وغزة وصفد ونابلس واللجون (1) تتغير هذه تقسيمات تباعا تحت تأثير العامل السياسي خاصة وهو ما سنراه لاحقا تجدر الإشارة هنا أن فلسطين اكتسبت أهمية كبرى في ذلك الوقت فهي تجاريا تربط مصر ببقية المناطق الشامية كما أنها جزء هام من طريق الحج.
نعود بعد هذه الإيضاحات الإدارية الى موضوع مقالنا وهو حملة الفرنسية على فلسطين اختلفت الروايات التاريخية حول أهدافها لكن الثابت أن نابليون بونابرت كان يحلم بتخليد اسمه وسير نحو خطى القائد اليوناني "إسكندر الأكبر " حيث قال يوماً "سأنفخ روح الثورة في سوريا التي أرهقته مظالم الجزار (حاكم فلسطين وجنوب الشام)، وأزحف إلى دمشق فحلب، فينضم المظلومون إلى جيشي في كل مدينة وقرية أصل إليها، ثم أدق باب القسطنطينية وأطيح بالإمبراطورية العثمانية ، وأنشئ في الشرق إمبراطورية عظمى جديدة تكون موضع إعجاب الأجيال المقبلة، وتحدد مركزي في التاريخ، وقد أعود إلى باريس عن طريق أدرنه فيينا بعد أن أكون قد قضيت على البيت المالك في النمسا (2) وقد تم الإعداد لهذا المشروع على عدة سنوات عن طريق بعث جواسيس ودراسة الأحوال السياسية والخرائط الجغرافية وهذا ما جعل نابليون يحمل معه معرفة كبرى بالمنطقة.
انطلقت إذن حملة بونابرت باتجاه فلسطين تمركز الجيش في بداية في العريش حيث وصل القائد العسكري رينيه في 7 فيفري 1799 واحتل القر لكن حامية القلعة التي ضمت نحو 1500 جندي رفضت الانسحاب ظل الأمر هكذا حتى قدوم نابليون يوم 18 فيفري وتم الاتفاق في بداية على تسليم القلعة مقابل الانسحاب الى بغداد على أن لا تقاتل هذه الفرقة مع جيش الجزار لمدة سنة لكن تم انتهاك هذه الصفقة وأرسلوا الى مصر بعده تم الزحف نحو غزة واحتلت الفرق كل من رفح وخان يونس دون مقاومة تذكر بعدها انهزم حاكم غزة رغم الإمدادات التي جاءت من يافا استولت القوى الفرنسية على مدينة التي كانت قاعدة في الجنوب ومكان لتزويد الجيش بالمؤن بعدها تمت السيطرة على اسدود فالرملة التي مثلت مكانا هاما فهي تسيطر على الطريق الرابطة بين القدس ويافا. (3)
II- مجزرة يافا
واصل الجيش التقدم نحو يافا حيث وقعت فيها الحادثة الأبرز في هذه الحملة لما أثرته من جدل من ناحية الأولى فقد اختلف المؤرخون في عدد الحامية فذكر الشهابي أن عددهم بلغ 12 ألف في حين رجح الترك أن القوى بلغت نحو 8 آلاف لكن هذه الأرقام مبالغ فيها فالأقرب أنها لم تتجاوز حوالي 4 آلاف مقاتل (4) على العموم على إثر وصول الجيش انطلقوا مباشرة في حصار المدينة و ذلك بسبب الحاجة الملحة إلى إدخال الإمدادات من مينائي دمياط واسكندرية. أرسل القائد الفرنسي برسول إلى قائد حامية لكنه فشل في تفاوض مع قائد يافا مما نتج عنه تشديد الهجوم عن المدينة حتى احتلالها بعد فتح ثغرة في سور المدينة ودخل نحو 1500 جندي لتحدث وقتها أحد أكبر الجرائم التي ارتكبها الجيش في فلسطين وقد جاء هذا على لسان جنود الفرنسيين أنفسهم حيث قال أحد الجنود " راح الفرنسيون يقتلون أعداءهم كالمجانين طول ذلك المساء والليل كله وفي صباح الغد فالرجال والنساء والأطفال والمسيحيون والمسلمون وكل من له وجه إنسان سقط صريع جنودهم " (5) أما المصادر فنذكر مثلا نيكولا ترك الذي وصف ذلك بقوله " ولم يزل هول الحرب في إمداد والكرب في اشتداد وتناثر الرؤوس وتهلك النفوس وتنتهك الأحرار وتنكشف الأسرار و الأستار وتقتل الرجال والنساء والأطفال... وفي ذلك الحين مات من العساكر ما ينيف عن الخمسة آلاف ومن أهالي البلد ألفين... وأصبحت مدينة يافا لم تجد بها أحد معافى . (6) ورغم فظاعة هذه الجريمة فإن الجيش الفرنسي واصل ارتكاب جريمة ما أكبر تم هذا عندما لجأ نحو 3 آلاف من رجال الحامية العثمانية وسلموا أنفسهم بعد أن وعدوا بأمان من قبل اثنين من الضباط الفرنسيين ولكن نابليون أمر بقتلهم بالبنادق والسناكي (7) في 11 مارس وقد ذكر الجبرتي هذه الحادثة بقوله " أما عسكر الجزار فقتل منهم أكثر من 4 آلاف لما وقع منهم من الانحراف" (8) تعدد الروايات حول أسباب قيام بهذه الجريمة لكن يمكن الاتفاق مع هيرولد و لورنس بأن الدافع الأساسي لقرار ارتكاب هذه الجريمة هو دافع سياسي فقد تعمد نابليون قيام بذلك لتأثير على الجزار فإذا قاوم الجزار سيلاقي هو مدينته نفس المصير (9) تأكد هذا القول حيث أرسل بونابرت منشورا لأهالي الشام و جزار يطلب منهم التسليم والطاعة ومن ال نتائج هذه المذبحة التي حدثت في يافا هي انتشار الطاعون في صفوف الجيش الفرنسي حيث دخل نحو 31 حالة في يوم واحد ثم بدأ المرض ينتشر تدريجيا وقد ذكر الجبرتي أيضا أن المرض قد تفشى أيضا في مصر وهذا ما يدل كون الجيش الفرنسي الذي غادر فلسطين حمل معه هذا الوباء وقد أرجح لوكروا أن سبب انتشار الوباء هو الجثث التي انتشرت في مدينة يافا وضواحيها ( 10)
خاتما يمكن أن نستنتج أن الجيش فرنسي أعد لهذه الحملة التي تهدف الى السيطرة على بلاد الشام والتي جاءت في إطار أطماع نابليون وطموحاته والتي ذكرتها بالتفصيل انطلقت حملة من العريش في مصر وذكرنا تابعا مراحل سيطرة الجيش على أجزاء من فلسطين وانتهاء بما حدث من جرائم في يافا وقد اعتمدنا في ذلك على ما نقله أفراد من جيش نابليون نفسه واصل الجيش الفرنسي التقدم داخل الأراضي الفلسطينية حتى بلوغه مدينة عكا كيف انتهت حملة الفرنسيين على فلسطين وماهي انعكاساتها على الجانبين المحلي والعالمي؟
الهوامش
1 رافق ( عبد الكريم )فلسطين في العهد العثمانيين مؤسسة الدراسات الفلسطينية 1987 ص 6
2 إسماعيل (عادل) السياسة الدولية في الشرق العربي 1 دار النشر لسياسة وتاريخ بيروت 1964 ص 64
3 صافي (خالد محمد عطية )" حملة الفرنسية على سوريا (بلاد الشام 1799) مجلة جامعة القدس المفتوحة للأبحاث والدراسات العدد 8 2002 ص 12
4 نفس المرجع - ص 15
5 هيرولد (كريستوفر) نابليون في مصر فؤاد أندراوس القاهرة دار الكتاب العربي للطباعة والنشر 1962 ص 288
6 الترك (نيكولا) ذكر تملك جمهورية الفرنساوية الأقطار المصرية والبلاد الشامية أو الحملة الفرنسية على مصر والشام ياسين السويد بيروت دار الغرابي 1990 ص 70
7 صافي مرجع السابق ص 17 السناكي مفردها سنك وهي كلمة تركية تعني حجر أو صخرة صلبة أو حادة
8 الجبرتي (عبد الرحمان) عجائب الآثار وتراجم الاخبار عبد الرحيم عبد الرحمان القاهرة مطبعة دار الكتب المصرية 1997 جزء 2 ص 262
9 صافي مرجع السابق ص 17
10 نفس المرجع ص 18
قائمة المصادر والمراجع
1 الجبرتي (عبد الرحمان)، عجائب الآثار وتراجم الاخبار، عبد الرحيم عبد الرحمان، القاهرة مطبعة دار الكتب المصرية 1997
2 الترك (نيكولا )، ذكر تملك جمهورية الفرنساوية الأقطار المصرية والبلاد الشامية أو الحملة الفرنسية على مصر والشام، ياسين السويد، بيروت، دار القرابي . 1990
3 رافق ( عبد الكريم) ، فلسطين في العهد العثمانيين ج 1 مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1987
4 إسماعيل (عادل ) السياسة الدولية في الشرق العربي دار النشر لسياسة وتاريخ بيروت، 1964
5 هيرولد (كريستوفر)، نابليون في مصر، فؤاد أندراوس القاهرة، دار الكتاب العربي لطباعة والنشر. 1962
6 صافي (خالد محمد عطية). "حملة الفرنسية على سوريا (بلاد الشام 1799) مجلة جامعة القدس المفتوحة للأبحاث والدراسات، العدد 8 ، 2002.