المخطط العام
تمهيد
مقدمة
مفهوم الصدمة
لماذا كتاب غابور ماتي "أسطورة العادي" « The Myth of Normal » بالتحديد؟
أنواع الصدمة
- تجارب الطفولة الضارة أو تجارب الطفولة السلبية
-الاعتداء الجنسي / الاغتصاب.
-الكوارث/الصدمات الجماعية.
آثار وتبعات الصدمة
-Emotional dysregulation عدم التنظيم العاطفي.
-Somatization الجسدنة.
-Cognitive Effects تأثير الصدمة على التفكير.
- فرط اليقظة واضطرابات النوم Hyperarousal/Hypervigilance and sleep disturbances.
-التجنب / الهروب .
الاستنتاج.
المراجع .
تمهيد :
ان ما يميز علم النفس بصفته علما يهدف لدراسة سلوكيات وعمليات تفكير البشر هي مجموعة محاولاته المتمثلة في مقارباته، دراساته وفروعه المختلفة لفهم مختلف أوجه و طبائع الأفراد التي تعكس أهمية فهم التعقيدات و الخصوصيات المجسدة في الكيان البشري, لكنه من الناحية الأخرى علم يرنو لتعميم تلك المقاربات و الدراسات, هذه الديالكتيكية تحتم علينا طلب توسيع درايتنا و دراساتنا, تطبيقها بمرونة ثابتة, نقدها بطريقة ممنهجة مع قراءة مستمرة لأحدث الدراسات التي قد تطرأ في الوسط العلمي دون نسيان إجبارية تهجين ما سبق في سياقه المجتمعي.
مقدمة :
أخذ موضوع الصدمة أو بالفرنسية و الإنجليزية "Trauma "اهتمام علماء النفس و المتخصصين في الصحة العقلية على حد السواء لسبب جلي وهو تأثيره الملموس على السلوكيات , طريقة التفكير و الحالة العاطفية للأفراد.
بدأت جذور معلوماتنا عما يسمى اليوم بالصدمة على يدي طبيب الأعصاب الفرنسي "جان مارتن شاركو". فقد كان أول من حاول دراسة وتعريف مرض يعرف باسم "الهستيريا". قبل بحث شاركو، كانت الهستيريا تعتبر مرضا ذو أعراض غير متماسكة وغير مفهومة. كان شاركو قادرا على توثيق تطور المرض وخصائصه بتفصيل كبير وقادرا على إثبات أن المرض كان نفسيًا بطبيعته. لقد أثبت نظريته من خلال إنتاج أعراض المرض بشكل مصطنع لدى المرضى باستخدام التنويم المغناطيسي الا أنه لم يتمكن من تحديد طبيعة المرض ولم يقدم تدخلا معقولاً للعلاج .كان هدف طلابه، بما في ذلك سيغموند فرويد وويليام جيمس وبيير جانيت، هو البحث عن طبيعة الهستيريا والعلاج المحتمل لها .
استنتج كل من جانيت وفرويد أن أعراض الهستيريا كانت نتيجة لصدمة نفسية. لقد اعتقدوا أن الأعراض كانت نتيجة لحالة الوعي المتغيرة الناتجة عن ردود الفعل العاطفية التي لا تطاق على الأحداث المؤلمة، ووصف عالم النفس الفرنسي الرائد بيير جانيت الذاكرة المؤلمة لأول مرة على أنها محتجزة في أفعال وردود أفعال تلقائية، وأحاسيس ومواقف يعاد تمثيلها وإعادة تمثيلها في أحاسيس عميقة مخزنة عند الفرد. اكتشف جانيت وفرويد أن الأعراض يمكن تخفيفها إذا كان المريض قادرا على التعبير اللفظي عن الحدث الصادم المخزن في الذاكرة اللاواعية (العلاج عن طريق الكلام) وقد أطلق عليه فرويد في النهاية اسم التحليل النفسي.
أدى عمل جانيت وفرويد ونظيره جوزيف بروير إلى ظهور العلاج النفسي الحديث, تسمح طريقة العالج هذه للشخص بمناقشة الهستيريا بطريقة تساعد على تخفيف الأعراض. هيمنت نظرية التحليل النفسي على الأبحاث المتعلقة بالصدمات النفسية في الجزء الأخير من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين و أصبح التحليل النفسي "دراسة للتقلبات الداخلية النابعة من الخيال والرغبة عبر آلية منفصلة عن واقع التجربة" في هذا الإطار بنى فرويد معظم أبحاثه على استكشاف الحياة الجنسية للمرأة, ووجد عالقة بين الاعتداء الجنسي على النساء والسلوك الهستيري.
بعد وفاة شاركو والتراجع عن أعمال فرويد، عادت دراسة الصدمات النفسية إلى الظهور خلال الحرب العالمية الأولى. كان تشارلز مايرز، عالم النفس البريطاني، من أوائل الذين فحصوا الجنود الذين عانوا مما أسماه "صدمة القذيفة " «shell shock» ويُعتقد أن هذا الاضطراب العصبي ناتج عن التأثيرات الارتجاجية الناجمة عن انفجار القذائف واكتشف لاحقًا أن الجنود الذين لم يشاهدوا القتال، سيعانون من نفس الحالة العصبية التي يعاني منها الجنود في القتال. أدى التعرض الطويل للحرب وما تلاها إلى ظهور أعراض هستيرية لدى الرجال مشابهة للأعراض التي أبلغ عنها شاركو وفرويد لدى النساء.
لم يُنظر إلى تشخيص العصاب القتالي) اسم الاضطراب آنذاك) Combat Neurosis على أنه "مشرف", اذ شكك التقليديون في النزاهة الأخلاقية للجنود وتساءلوا عما إذا كان يجب علاج الجندي المصاب بهذا الاضطراب، وينظر التقليديون إلى الجندي المصاب بالعصاب القتالي على أنه جبان وإنسان أدنى مرتبة. تمسك الطبيب النفسي البريطاني لويس ييالند Yealland Lewis بمعتقدات التقليديين, مستخدما أسلوبًا يتضمن التهديد والعقاب والعار فإذا أصيب جندي بالخرس بسبب آثار الصدمة النفسية، كان ييالند يطبق أسلوبا لا يمد للإنسانية بصلة فيصعق الجندي المريض بالصدمات الكهربائية على حلقه حتى يتكلم. كان ييالند يطبق الصدمات بعد ربط الجندي على كرسي بينما كان يصرخ لساعات بلغة تهدف لتعزيز الحس الوطني عند الجندي.
استمرت وجهة النظر التقليدية في تشكيل العلاج حتى قدّم الطبيب ريفرز W.H.R Riversعلاجا أكثر إنسانية يعتمد على مبادئ التحليل النفسي. أظهر عمله مع الضابط الشاب سيغفريد ساسون أن النهج الإنساني في العالج يمكن أن يساعد الجندي على العودة إلى القتال دون ظهور الأعراض الهستيرية. أثبت نهج ريفرز نجاحه، ولكن بعد سنوات قليلة من الحرب العالمية الأولى، تلاشى الاهتمام بالعصاب القتالي.
خلال الحرب العالمية الثانية، انضم كاردينر وهو طبيب نفسي أمريكي تلقى تعليمه في فيينا إلى طبيب نفسي أمريكي آخر، وهو هربرت شبيغل Spiegel Herbet ، و قد كان كاردينر نشر كتابه العصاب المؤلم جراء الحرب The Traumatic Neurosis of War وجد كاردينر وشبيغل أن الجنود يعانون من فقدان الارتباط بأفراد مجموعتهم العسكرية, و هو ما تفطنا له معممين أن العلاج يجب أن يكون قريبًا نسبيًا من جبهة القتال وأن يتضمن إعادة إحياء الحدث المؤلم من خلال التنويم المغناطيسي. أثبت هذا النوع من العلاج فعاليته، لكن كاردينر وشبيغل حذّرا المريض من أن آثار العلاج لن تكون دائمة بسبب الآثار الدائمة للصدمة على العقل. ظل أسلوب العلاج هذا قيد التطبيق حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، عندها تلاشت دراسة الصدمات مرة أخرى.
ستكون حرب فيتنام هي الظهور التالي في مصلحة العصاب القتالي من قبل اثنين من الأطباء النفسيين الأمريكيين، روبرت ليفتون وحاييم شاتان. طور ليفتون وشاتان "مجموعات" للمحاربين القدامى الذين يعانون من الصدمة النفسية للحرب والمشاعر المناهضة للحرب. أتاحت "المجموعات" هذه للجنود مكانًا لمناقشة تجاربهم ورفع مستوى الوعي حول آثار الحرب (هيرمان، ،1992 ص 27). وبحلول سبعينيات القرن العشرين، انتشرت "المجموعات" في جميع أنحاء البلاد، مما اضطر "إدارة المحاربين القدامى" إلى البدء في البحث في تأثيرات التعرض للقتال عند الجنود.
في هذا الوقت أيضا، بدأت الحركة النسوية في رفع مستوى الوعي حول العنف اليومي في الحياة الجنسية والمنزلية للنساء اذ عانت النساء من نفس آثار العصاب القتالي في حياتهن المدنية. وكانت آثار الاغتصاب والاعتداء الجنسي والعنف الجنسي أكثر انتشارا عند النساء من صدمة الحرب عند الرجال. (لقد تطرق فرويد مثل ما سبق إلى هذه القضية الجنسية قبل تراجعه عن موقفه قبل عدة عقود من الحركة النسوية.(
في عام 1980 طورت جمعية علم النفس الأمريكية APA فئة اضطرابات ما بعد الصدمة و استندت هذه الفئة إلى أعمال كاردينر. وشملت الأعراض المؤلمة التي يعاني منها جميع المتأثرين بالصدمة. أدت هذه الفئة من الاضطرابات إلى ظهور التحدي المتمثل في علاج مثل هذه الاضطرابات و بدأت نظريات الأزمات (مرادف لمصطلح الصدمة) والتدخل في الأزمات في التشكل وسط التقدير المكتشف حديثا الإجهاد الناتج عن الصدمة.
بعد تقديم الموضوع سنتطرق الى مفهوم الصدمة وأنواعها ومختلف اثارها مع طرح لكتاب أسطورة العادي لغابور ماتي
« The Myth of Normal » Gabor Maté
مفهوم الصدمة :
وفقا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، الطبعة الخامسة (DSM-5) 2013 يتم تعريف الصدمة على أنها عندما يتعرض الفرد "للموت الفعلي أو التهديد به، أو الإصابة الخطيرة، أو العنف الجنسي"
وفقا لجمعية علم النفس الأمريكية APA في عام 2018 "الصدمة هي أي تجربة مزعجة تؤدي إلى خوف كبير أو عجز أو تفكك أو ارتباك أو مشاعر تخريبية أخرى شديدة بما يكفي لإحداث تأثير سلبي طويل الأمد على مواقف الشخص وسلوكه وجوانب أخرى من وظائفه". (تشمل الأحداث المؤلمة تلك الناجمة عن السلوك البشري مثل الاغتصاب والحرب و الحوادث الصناعية) و كذلك تلك الناجمة عن الطبيعة (مثل الزلازل) و غالبا ما تتحدى رؤية الفرد للعالم باعتباره مكانا عادلا و وآمنًا يمكن التنبؤ به.
يعرف غابور ماتي الصدمة " كما أستخدم الكلمة بمعناها الاغريقي "جرح" فإن "الصدمة" هي إصابة داخلية، أو تمزق دائم أو انقسام داخل الذات بسبب أحداث صعبة أو مؤذية. بموجب هذا التعريف، الصدمة هي في المقام الأول ما يحدث داخل شخص ما نتيجة للأحداث الصعبة أو المؤلمة التي تصيبه؛ وليست الأحداث نفسها. "الصدمة ليست ما يحدث لك، بل ما يحدث بداخلك هي الطريقة التي أصيغها بها. "
عادةً لا تؤدي التجارب المؤلمة إلى إعاقة طويلة المدى لمعظم الأفراد. لكن من الطبيعي تجربة مثل هذه الأحداث طوال عمر حياة الفرد؛ وفي كثير من الأحيان، يستجيب الأفراد والأسر والمجتمعات لها بمرونة نفسية.
يكتب غابور ماتي " إن بصمة الصدمة أكثر توطنًا مما ندرك. قد يبدو هذا بيانًا محيرًا. حيث أصبحت كلمة الصدمة بمثابة شعار في مجتمعنا. للتمهيد، اتخذت الكلمة في مجتمعنا استعمالات خاطئة خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي وهو ما شوش و أضعف معناها. لكن في مجال الصحة ــ وبما أن كل شيء مترابط، فإن المفهوم المعتاد للصدمة يستحضر في ذهننا مفاهيم الحداث الكارثية: الأعاصير، سوء المعاملة، الإهمال الفاضح، الحرب. وهذا له تأثير مضلل وغير مقصود يتمثل في إحالة الصدمة إلى عالم غير الطبيعي، وغير العادي، والاستثنائي فإذا كانت هناك فئة من الناس نسميها "مصابين بصدمة نفسية"، فهذا يعني أن معظمنا ليس كذلك. هنا نفتقد العلامة بفارق كبير. فتنتشر الصدمة في ثقافتنا، بدءا من الأداء الشخصي ومرورا بالعلاقات الاجتماعية وتربية الأطفال والتعليم والثقافة الشعبية والاقتصاد والسياسة. اما في الواقع، أي شخص لا يحمل علامات الصدمة سيكون غريبًا في مجتمعنا. نحن أقرب إلى الحقيقة عندما نسأل: أين يتناسب كل منا مع طيف الصدمات الواسع والشامل بشكل مدهش؟ أي من عالماتها العديدة حملها كل واحد منا طوال أو معظم حياته، وما هي التأثيرات؟ وما هي الفرص التي ستفتح لنا إذا أصبحنا أكثر ألفة، وحتى حميمية، مع تلك الصدمات؟"
لماذا كتاب غابور ماتي "أسطورة العادي" « The Myth of Normal » بالتحديد؟
وفقا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، الطبعة الخامسة (DSM-5) 2013 يتم تعريف الصدمة على أنها عندما يتعرض الفرد "للموت الفعلي أو التهديد به، أو الإصابة الخطيرة، أو العنف الجنسي"
وفقا لجمعية علم النفس الأمريكية APA في عام 2018 "الصدمة هي أي تجربة مزعجة تؤدي إلى خوف كبير أو عجز أو تفكك أو ارتباك أو مشاعر تخريبية أخرى شديدة بما يكفي لإحداث تأثير سلبي طويل الأمد على مواقف الشخص وسلوكه وجوانب أخرى من وظائفه". (تشمل الأحداث المؤلمة تلك الناجمة عن السلوك البشري مثل الاغتصاب والحرب و الحوادث الصناعية) و كذلك تلك الناجمة عن الطبيعة (مثل الزلازل) و غالبا ما تتحدى رؤية الفرد للعالم باعتباره مكانا عادلا و وآمنًا يمكن التنبؤ به.
يعرف غابور ماتي الصدمة " كما أستخدم الكلمة بمعناها الاغريقي "جرح" فإن "الصدمة" هي إصابة داخلية، أو تمزق دائم أو انقسام داخل الذات بسبب أحداث صعبة أو مؤذية. بموجب هذا التعريف، الصدمة هي في المقام الأول ما يحدث داخل شخص ما نتيجة للأحداث الصعبة أو المؤلمة التي تصيبه؛ وليست الأحداث نفسها. "الصدمة ليست ما يحدث لك، بل ما يحدث بداخلك هي الطريقة التي أصيغها بها. "
عادةً لا تؤدي التجارب المؤلمة إلى إعاقة طويلة المدى لمعظم الأفراد. لكن من الطبيعي تجربة مثل هذه الأحداث طوال عمر حياة الفرد؛ وفي كثير من الأحيان، يستجيب الأفراد والأسر والمجتمعات لها بمرونة نفسية.
يكتب غابور ماتي " إن بصمة الصدمة أكثر توطنًا مما ندرك. قد يبدو هذا بيانًا محيرًا. حيث أصبحت كلمة الصدمة بمثابة شعار في مجتمعنا. للتمهيد، اتخذت الكلمة في مجتمعنا استعمالات خاطئة خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي وهو ما شوش و أضعف معناها. لكن في مجال الصحة ــ وبما أن كل شيء مترابط، فإن المفهوم المعتاد للصدمة يستحضر في ذهننا مفاهيم الحداث الكارثية: الأعاصير، سوء المعاملة، الإهمال الفاضح، الحرب. وهذا له تأثير مضلل وغير مقصود يتمثل في إحالة الصدمة إلى عالم غير الطبيعي، وغير العادي، والاستثنائي فإذا كانت هناك فئة من الناس نسميها "مصابين بصدمة نفسية"، فهذا يعني أن معظمنا ليس كذلك. هنا نفتقد العلامة بفارق كبير. فتنتشر الصدمة في ثقافتنا، بدءا من الأداء الشخصي ومرورا بالعلاقات الاجتماعية وتربية الأطفال والتعليم والثقافة الشعبية والاقتصاد والسياسة. اما في الواقع، أي شخص لا يحمل علامات الصدمة سيكون غريبًا في مجتمعنا. نحن أقرب إلى الحقيقة عندما نسأل: أين يتناسب كل منا مع طيف الصدمات الواسع والشامل بشكل مدهش؟ أي من عالماتها العديدة حملها كل واحد منا طوال أو معظم حياته، وما هي التأثيرات؟ وما هي الفرص التي ستفتح لنا إذا أصبحنا أكثر ألفة، وحتى حميمية، مع تلك الصدمات؟"
أنواع الصدمة :
سنتعرض لمجموعة من أنواع الصدمات الأكثر شيوعا وليس جميعها نظرا لتعددها و تنوعها حسب حالة الفرد، إضافة الى المواصفات النظرية في التشخيص المستعملة في كل من علم النفس و طب النفس من خلال تلخيص الأنواع الى مجموعة من الفئات لا تفي بالضرورة للتشخيص التطبيقي للحالات (وهو ما ذكرناه في التمهيد).
- تجارب الطفولة الضارة أو تجارب الطفولة السلبية :
تجارب الطفولة الضارة (ACEs) ، والتي يشار إليها غالبًا باسم الصدمة المبكرة أو الصدمات الشخصية، هي تجارب الطفولة التي يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على رفاهية الفرد والذي غالبًا ما تستمر حتى مرحلة البلوغ. تعطل هذه التجارب المراحل الطبيعية الحاسمة لنمو الأطفال ويعرض الأطفال لعواقب نفسية لاحقة. تشمل هذه الصدمة صدمات أخرى مثل الصدمة العلائقية Relational Trauma أو صدمة التعلق Attachment Trauma هذه التجارب تعكس إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم، بالإضافة إلى تعاطي المخدرات والأمراض العقلية في الأسرة، سجن أحد أفراد الأسرة، غياب أحد أفراد الأسرة عن حياة الفرد والعنف الموجه نحو أحد الوالدين (عادة الأم). ترتبط تجارب الطفولة الضارة بزيادات كبيرة في عدد من النتائج السلبية للصحة الاجتماعية والسلوكية والصحة البدنية، بما في ذلك اضطرابات تعاطي الكحول والمخدرات، والاكتئاب، القلق الاجتماعي، والانتحار، والسلوك الجنسي المحفوف بالمخاطر، والإيذاء الجنسي في مرحلة البلوغ، والعنف المنزلي، وسلوكيات إيذاء النفس، والعنف الجسدي, الخمول والسمنة، وأمراض القلب، والسرطان، وأمراض الكبد، والأمراض المنقولة جنسيا، والحمل في المراهقة، والتشرد، والبطالة، وكونك مرتكبا و / أو ضحية للعنف بين الأشخاص. يبدو أيضا أن صدمة الطفولة من المرجح أن تؤدي إلى اضطراب ما بعد الصدمة أكثر من الصدمة التي تحدث في مرحلة البلوغ.
-الاعتداء الجنسي / الاغتصاب :
لقد وجدت الدراسات أن معدلات اضطراب ما بعد الصدمة مرتفعة جدًا بين الناجين من الاعتداء الجنسي، وخاصة الناجين من الاغتصاب، وتشير البيانات إلى أن الاعتداء الجنسي من المرجح أن يؤدي إلى اضطراب ما بعد الصدمة أكثر من معظم أنواع الصدمات الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، ارتبط تاريخ الاعتداء الجنسي في مرحلة الطفولة أو البلوغ بأكثر من ثلاثة أضعاف خطر الإصابة باضطراب القلق مقارنة بالأفراد الذين ليس لديهم مثل هذا التاريخ؛ أكثر من ضعف خطر الإصابة بالاكتئاب، أو اضطراب الأكل، أو اضطراب ما بعد الصدمة وأكثر من أربعة أضعاف خطر محاولات الانتحار.
-الكوارث/الصدمات الجماعية :
إن الأحداث المؤلمة واسعة النطاق مثل الكوارث الطبيعية (الزلازل والأعاصير) والكوارث البشرية (الانسكابات الكيميائية والحوادث النووية والهجمات الإرهابية) لها تأثيرات فريدة بسبب عدد الأشخاص المتضررين وحقيقة أن مجتمعات /شعوب بأكملها قد تتعرض للخطر. بالإضافة إلى التأثير على الصحة السلوكية، غالبًا ما تنطوي مثل هذه الأحداث المؤلمة على خسائر متعددة، بما في ذلك فقدان الأرواح (الأصدقاء والعائلة)، والمنزل، والمهنة/الوظيفة، والصحة/الرفاهية الجسدية، وحتى رؤية الفرد للعالم قد تؤثر مثل هذه الأحداث على الشعور بالأمان أو المعتقدات حول عالم يوجد فيه العدل
آثار وتبعات الصدمة :
إن ردود الأفعال المباشرة للناجين في أعقاب الصدمة معقدة للغاية وتتأثر بتجاربهم الخاصة، توفر الدعم ، مهاراتهم في التأقلم ومهارات الأسرة المباشرة، واستجابات المجتمع الأكبر الذي يعيشون فيه.
يمكن أن تشمل ردود الفعل الأولية للصدمة الإرهاق، الارتباك، الحزن، القلق، الإثارة، التخدر العاطفي (ردة فعل يكون فيها الفرد غير قادر على الإحساس بمشاعره) والانفصال (ينفصل الفرد عن أفكاره أو مشاعره أو ذكرياته أو احساسه بهويته الذاتية)
تكون معظم الاستجابات طبيعية من حيث أنها تؤثر على معظم الناجين وتكون مقبولة اجتماعيًا وفعالة نفسيًا وخاصة للفرد نفسه.
تشمل مؤشرات الاستجابات الأكثر شدة : الضيق المستمر دون فترات من الهدوء النسبي أو الراحة، وأعراض التفكك الشديدة Dissociation، والذكريات الاقتحامية Intrusive Thoughts الشديدة التي تستمر على الرغم من العودة إلى الأمان. يمكن أن تشمل الاستجابات المتأخرة للصدمة التعب المستمر، واضطرابات النوم، والكوابيس، والخوف من التكرار، والقلق و التفكير المفرط الذي يركز على ذكريات الماضي، والاكتئاب، وتجنب العواطف والأحاسيس أو الأنشطة المرتبطة بالصدمة حتى عن بعد.
تركز الأقسام التالية التي سنتناولها الان على بعض ردود الفعل الشائعة عبر مختلف المجالات التي تحيط بنا في حياتنا اليومية )العاطفية والجسدية والمعرفية والسلوكية والاجتماعية والتنموية) المرتبطة بأحداث مؤلمة فردية ومتعددة ودائمة. غالبًا ما تكون ردود الفعل هذه استجابات طبيعية للصدمة ولكنها لا تزال مؤلمة عند تجربتها. مثل هذه الاستجابات ليست علامات على مرض عقلي، ولا تشير إلى اضطراب عقلي.
يمكن أن تختلف ردود الفعل العاطفية تجاه الصدمة بشكل كبير وتتأثر بشكل كبير بالتاريخ الاجتماعي والثقافي للفرد. بالإضافة إلى ردود الفعل العاطفية الأولية خلال الحدث، فإن تلك التي من المرجح أن تظهر تشمل الغضب والخوف والحزن والعار. ومع ذلك، قد يواجه الأفراد صعوبة في التعرف على أي من هذه المشاعر لأسباب مختلفة. قد يفتقرون إلى الخبرة أو التعرض المسبق للتعبير العاطفي في أسرهم أو مجتمعهم. وقد يربطون مشاعر قوية بالصدمة ، وبالتالي يعتقدون أن التعبير العاطفي خطير للغاية أو سيؤدي إلى الشعور بالخروج عن السيطرة على سبيل المثال، الشعور بفقدان السيطرة أو بالجنون. يزال البعض الآخر قد ينكرون أن لديهم أي مشاعر مرتبطة بتجاربهم المؤلمة ويعرفون ردود أفعالهم على أنهم لا يشعرون بشيء.
-Emotional dysregulation عدم التنظيم العاطفي :
يواجه بعض الناجين من الصدمات صعوبة في تنظيم مشاعرهم مثل الغضب والقلق والحزن والعار، ويزداد هذا الأمر عندما تحدث الصدمة في سن مبكرة. أما في الأفراد الأكبر سنا، عادةً ما يكون خلل التنظيم العاطفي قصير الأمد ويمثل رد فعل فوري للصدمة، وليس نمطا مستمرًا. يعد التطبيب الذاتي - أي تعاطي المخدرات - أحد الأساليب التي يستخدمها الأشخاص المصابون بصدمات نفسية في محاولة لاستعادة السيطرة العاطفية، على الرغم من أنه يؤدي في النهاية إلى مزيد من عدم التنظيم العاطفي. يمكن أن تشمل الجهود الأخرى نحو التنظيم العاطفي الانخراط في سلوكيات عالية الخطورة أو ضارة بالنفس مثل الأكل المضطرب، والسلوكيات القهرية مثل المقامرة أو الإرهاق أو التفكير المفرط، وقمع العواطف أو إنكارها، ومع ذلك، ليست كل السلوكيات المرتبطة بالتنظيم الذاتي تعتبر سلبية. في الواقع، يجد بعض الأفراد طرقا إبداعية وصحية ومجتهدة لإدارة التأثير القوي الناتج عن الصدمة
يميل الإجهاد الناتج عن الصدمة إلى إثارة حالتين عاطفتين متطرفتين الشعور إما بالكثير من المشاعر (الإرهاق) أو القليل جدا من المشاعر (الخدر العاطفي). يمكن أن يساعد العلاج في العثور على المستوى الأمثل من المشاعر ومساعدته في تجربة وتنظيم المشاعر الصعبة بشكل مناسب. في العلاج، الهدف هو مساعدة العملاء على تعلم كيفية تنظيم عواطفهم. من المحتمل أن يتطلب هذا تعلم مهارات جديدة في التأقلم وكيفية تحمل المشاعر المؤلمة.
-Somatization الجسدنة :
يشير مصطلح الجسدنة إلى مجموعة الأعراض الجسدية أو الاختلالات الوظيفية التي من خلالها يقوم الجسد بالتعبير عن الضيق العاطفي. من المرجح أن تحدث الأعراض الجسدية مع الأفراد الذين يعانون من الضغط النفسي الحاد جراء الصدمة.
غالبًا ما يتعامل العقل مع الأفكار أو الذكريات أو الرغبات المؤلمة عن طريق قمعها، مما يدفعها بعيدًا عن الوعي. ومع ذلك، فإن هذه العناصر المكبوتة لا تختفي ببساطة؛ وبدلا من ذلك، يمكن أن تظهر مرة أخرى كأعراض جسدية. على سبيل المثال، قد يظهر الحزن أو الصدمة التي لم يتم حلها على شكل ألم مزمن أو شكاوى جسدية أو اضطرابات نفسية جديدة. مثال الخوف من التعبير عن الذات هروبا من القيام بخطأ و التعرض للتنمر و الاستهزاء قد يؤدي الى قلقل حاد و من ثم الى رعشة في اليدين, تسارع في دقات القلب, ألم في المفاصل أو في النظر و من ثم الى اضطراب الشخصية التجنبية
يتم التعبير عن الضيق النفسي من خلال الأعراض الجسدية. ففي التحليل النفسي، يُنظر إلى الجسدنة على أنها آلية دفاع، حيث يتحول الألم العاطفي إلى أمراض جسدية لحماية الفرد من تجربة التأثير الكامل للمشاعر المؤلمة بشكل مباشر.
من المحتمل أن العديد من الأفراد الذين يعانون من الجسدنة ال يدركون العلاقة بين عواطفهم والأعراض الجسدية التي يعانون منها. في بعض الأحيان، قد يظل الأفراد مقاومين لاستكشاف المحتوى العاطفي ويستمرون في التركيز على الشكاوي الجسدية كوسيلة للتجنب. قد يصر بعضهم على أن مشاكلهم الأساسية هي مشكلات جسدية حتى عندما تفشل التقييمات والاختبارات الطبية في تأكيد الأمراض. في هذه الحالات، قد يكون الجسدنة علامة على وجود خلل نفسي. من المهم ألا نفترض أن جميع الأفراد الذين يعانون من شكاوى جسدية يستخدمون الجسدنة كوسيلة للتعبير عن الألم العاطفي؛ قد يكون لديهم حالات أو اضطرابات معينة تتطلب عناية طبية.
-Cognitive Effects تأثير الصدمة على التفكير :
الأخطاء المعرفية Cognitive Errors : إساءة تفسير الموقف الحالي باعتباره خطيرا لأنه يشبه حتى ولو عن بعد، صدمة سابقة (قد يصبح أحد الوالدين الذي تعرض لصدمة تتعلق بسلامة طفله (مثل حادثة هددت نهاية حياة ابنه بالغرق) مفرطا في حماية طفله(ها) و قد يفسرون أنشطة الطفولة العادية, مثل اللعب خارج المنزل تعتبر شديدة الخطورة فيتم تقييد أنشطة الطفل خوفا من الأذى المحتمل.
الشعور بالذنب المفرط أو غير المناسب: محاولة فهم التجربة المؤلمة من الناحية المعرفية والسيطرة عليها من خلال تحمل المسؤولية بطريقة قهرية أو الشعور بالذنب.
Idealization التجميل : إظهار مبررات أو تفسير غير دقيق للدفاع عن سلوك مرتكب الجريمة، خاصة إذا كان مرتكب الجريمة مقدم رعاية أب/أم...
ردود أفعال مماثلة أخرى تعكس التجميل؛ مثل الترابط المؤلم Trauma Bonding و هو ارتباط عاطفي يتطور جزئيًا لتأمين البقاء بين الضحايا الذين ينخرطون في الصدمات الشخصية ومرتكب الجريمة، وتنطوي أيضا في نسق متطرف متلازمة ستوكهولم.
Delusions and Hallucinations هلوسة أو الأوهام الناجمة عن الصدمة :
التعرض للهلوسة والأوهام التي على الرغم من أنها بيولوجية الأصل، إلا أنها تحتوي على إدراكات تتوافق مع محتوى الصدمة. على سبيل المثال، تعتقد امرأة أن الشخص الذي يصعد إلى الحافلة هو والدها، الذي اعتدى عليها جنسيًا بشكل متكرر عندما كانت طفلة، لأنه كان يرتدي أحذية مشابهة لتلك التي كان يرتديها والدها ذات يوم.
Intrusive Thoughts and memories الأفكار والذكريات التسلطية( الأفكار والذكريات المتطفلة) :
تجربة الأفكار والذكريات المرتبطة بالصدمة، دون سابق إنذار أو رغبة. يمكن لهذه الأفكار والذكريات المتطفلة أن تثير بسهولة ردود أفعال عاطفية وسلوكية قوية، كما لو أن الصدمة تتكرر في الوقت الحاضر. يمكن أن تأتي الأفكار والذكريات المتطفلة التسلطية بسرعة، ويشار إليها بالفيضان، ويمكن أن تكون مزعجة وقت حدوثها. إذا واجه الفرد محفزا ما، فقد يكون لديه زيادة في الأفكار والذكريات المتطفلة لفترة من الوقت، مما يجعل من الصعب عليهم تمييز ما يحدث الآن مقابل ما حدث. فمن المحتمل أن يواجه الفرد بعض الأفكار والذكريات التسلطية و من المهم تطوير استراتيجيات التكيف قدر الإمكان، خاصة أثناء مرحلة العلاج من الصدمة.
لنفترض أنك اعتبرت ًدائما وقت قيادتك للسيارة وقتك المفضل وفي يوم ما وبشكل مفاجئ يضربك شخص ما من الخلف عند مدخل الطريق السريع. على الفور تقريبًا، يؤثر الحادث على كيفية إدراكك للعالم، ومن تلك اللحظة فصاعدًا، ولعدة أشهر بعد الحادث، تشعر بعدم الأمان في أي سيارة. تصبح شديد الحذر بشأن السائقين الآخرين وتدرك أن السيارات الأخرى تنجرف إلى المسار الخاص بك أو تفشل في التوقف على مسافة آمنة خلفك. لبعض الوقت، يتآكل إدراكك للسالمة، مما يؤدي غالبًا إلى سلوكيات تعويضية على سبيل المثال، إلقاء نظرة خاطفة على مرآة الرؤية الخلفية لمعرفة ما إذا كانت المركبات التي خلفك متوقفة حتى يتم استعادة هذا الاعتقاد أو إعادة صياغته. لا يعود بعض الأفراد أبدًا إلى أنظمة معتقداتهم السابقة بعد تعرضهم لصدمة، ولا يجدون طريقة لإعادة صياغتها، مما يؤدي إلى رؤية عالمية مفادها أن الحياة غير آمنة. ومع ذلك، فإن العديد من الأفراد الآخرين قادرون على العودة إلى تنظيم المعتقدات الأساسية التي تدعم تصورهم للسالمة.
تساهم العديد من العوامل في تشكيل الأنماط المعرفية قبل وأثناء وبعد الصدمة وباعتماد نموذج الثالوث المعرفي لبيك Beck وزملائه The Cognitive Triad (1979) ، يمكن للصدمة أن تغير ثلاثة أنماط معرفية رئيسية: الأفكار حول الذات و العالم (الاخرين/البيئة)والمستقبل. للتوضيح، يمكن للصدمة أن تقود الأفراد إلى رؤية أنفسهم على أنهم غير أكفاء أو متضررين، وإلى رؤية الآخرين والعالم على أنهم غير آمنين ولا يمكن التنبؤ بهم، ورؤية المستقبل على أنه ميؤوس منه معتقدين أن المعاناة الشخصية ستستمر، أو أن النتائج السلبية ستهيمن على المستقبل المنظور.
جزء لا يتجزأ من تجربة الصدمة هو الشعور بالاختلاف عن الآخرين، سواء كانت الصدمة تجربة فردية أو جماعية أم لا. عادةً ما تبدو التجارب المؤلمة سريالية وتتحدى ضرورة وقيمة الأنشطة الدنيوية في الحياة اليومية. غالبًا ما يعتقد الناجون أن الآخرين لن يفهموا تجاربهم بشكل كامل، وقد يعتقدون أن مشاركة مشاعرهم وأفكارهم وردود أفعالهم المتعلقة بالصدمة لن ترقى إلى مستوى التوقعات. مهما كانت الصدمة فظيعة، فإن تجربة الصدمة عادة ما تكون عميقة.
يمكن أن يحدد نوع الصدمة كيف يشعر الفرد بالاختلاف أو يعتقد أنه مختلف عن الآخرين. إن الصدمات التي تولد العار غالباً ما تجعل الناجين يشعرون بمزيد من الغربة عن الآخرين معتقدين أنهم "سلعة تالفة". عندما يعتقد الأفراد أن تجاربهم فريدة وغير مفهومة، فمن المرجح أن يطلبوا الدعم، إذا كانوا يطلبون الدعم على الإطلاق فقط من الآخرين الذين عانوا من صدمة مماثلة.
- فرط اليقظة واضطرابات النوم Hyperarousal/Hypervigilance and sleep disturbances :
من الأعراض الشائعة التي تنشأ من التجارب المؤلمة هو فرط اليقظة وتسمى أيضا اليقظة المفرطة: فرط اليقظة هي طريقة الجسم للبقاء على استعداد. ويتميز باضطرابات النوم، وتوتر العضلات، وانخفاض عتبة الاستجابات المفاجئة ويمكن أن يستمر لسنوات بعد حدوث الصدمة وهو أيضا أحد معايير التشخيص الأساسية لاضطراب ما بعد الصدمة.
فرط الإثارة من الجهة المقابلة هو نتيجة للتغيرات البيولوجية التي بدأتها الصدمة. على الرغم من أن الإثارة تعتبر وسيلة للحماية الذاتية بعد الصدمة، إلا أنه يمكن أن يكون ضارا. يمكن أن يتداخل فرط الإثارة مع قدرة الفرد على قضاء الوقت اللازم لتقييم مدخلات محددة والاستجابة لها بشكل مناسب، مثل الضوضاء العالية أو الحركات المفاجئة. في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي فرط اليقظة إلى ردود أفعال مبالغ فيها تجاه المواقف التي يُنظر إليها على أنها خطيرة عندما تكون الظروف في الواقع آمنة.
إلى جانب فرط اليقظة وفرط الإثارة، تعد اضطرابات النوم شائعة جدًا لدى الأفراد الذين تعرضوا لصدمات. يمكن أن تأتي في شكل استيقاظ مبكر، ونوم مضطرب، وصعوبة في الخلود الى النوم وكوابيس. تكون اضطرابات النوم أكثر استمراراً بين الأفراد الذين يعانون من الإجهاد المرتبط بالصدمة. تظل الاضطرابات في بعض الأحيان مقاومة للتدخل لفترة طويلة بعد علاج أعراض الإجهاد المؤلمة الأخرى بنجاح. تتوفر العديد من الاستراتيجيات بخلاف الأدوية، بما في ذلك الممارسات الصحية الجيدة للنوم، والتدريبات المعرفية للكوابيس، واستراتيجيات الاسترخاء وبرامج التغذية.
-التجنب / الهروب :
غالبًا ما يتزامن التجنب أو الهروب مع القلق وتعزيز أعراض القلق. يبدأ الأفراد في تجنب الأشخاص أو الأماكن أو المواقف للتخفيف من المشاعر أو الذكريات أو الظروف السلبية و غير السارة. في البداية، ينجح التجنب، لكن مع مرور الوقت، يزداد القلق ويزداد التصور بأن الوضع لا يطاق أو خطير، مما يؤدي إلى زيادة الحاجة إلى التجنب. يمكن أن يكون التجنب تكيفيًا، ولكنه أيضًا نمط سلوكي يعزز الخطر المتصور دون اختبار صحته من زيفه، ويؤدي عادةً إلى مشاكل أكبر في مجالات الحياة اليومية الرئيسية، على سبيل المثال، تجنب المحادثات ذات التوجه العاطفي في علاقة حميمة. بالنسبة للعديد من الأفراد الذين يعانون من ردود فعل إجهاد مؤلمة، فإن التجنب أمر شائع. (يجوز الى شخص أن يقود مسافة أطول لتجنب الطريق الذي تعرض فيه لحادث, وقد يتجنب فرد اخر الأماكن المزدحمة خوفا من الاعتداء أو للتحايل على الذكريات العاطفية القوية حول اعتداء سابق وقع في منطقة مزدحمة. يمكن أن يأتي التجنب بأشكال عديدة عندما لا يستطيع الناس تحمل التأثيرات القوية المرتبطة بالذكريات المؤلمة، فإنهم يتجنبون تجاربهم العاطفية والمعرفية المرتبطة بالصدمة أو يتصورونها أو ينكرونها أو يشوهونها. أحد العناصر الرئيسية في التعافي من الصدمات هو تعلم كيفية إدارة المحفزات والذكريات والعواطف دون تجنبها، أي أن تصبح غير حساس تجاه الذكريات المؤلمة والأعراض المرتبطة بها.
الاستنتاج :
ختاما، يهدف هذا المقال الى جذب انتباه القارء الى مجال علم النفس عموما و موضوع الصدمة من خلال مجموعة من المراجع التي تم تلخيصها الى أقصى حد (كتاب غابور ماتي The Myth of Normal و مجموعة من المقالات العلمية( لما يتضمنه علم النفس من ثراء علمي و ما يتضمنه موضوع الصدمة من تأثير جلي على تجاربنا في الماضي و الحاضر و المستقبل و على أسلوب حياتنا السريع الذي يتطلب منا ذكاء عاطفيا لا بأس به.
على الرغم من قيمة المعلومات المقدمة في المقال، إلا أنها لا تغطي بالكامل العمق الذي يمكن أن يتضمنه الموضوع، نظرا لعدم تناول النظريات والدراسات العلمية بشكل مفصل و التي قد تضفي إطالة في الطرح, و قد يجد القارئ غير المختص صعوبة في فهمها من جهة, إضافة الى حثه على ملأ الفراغات عبر عمل فردي يتمثل في المزيد من البحث من جهة أخرى.
المراجع :
رضوان القريع
طالب اختصاص علم النفس