المخطط العام
وضع في الإطار
I- السياحة البيئية
1) مفهوم السياحة البيئية وأهدافها
2) السياحة البيئية في تونس
II- سياحة مراقبة الطيور
1) مفهوم سياحة مراقبة الطيور(FR: Tourisme Ornithologique )
2) مراقبة الطيور في تونس
2- أ ) ظروف الأحوال الجوية
2- ب ) الرداء والمعدات
خلاصة
بيبليوغرافيا
وضع في الإطار
منذ منتصف القرن الماضي أخذ قطاع السياحة في الإزدهار تدريجيا كنتاج للعولمة وحسب بيانات منظمة السياحة العالمية مثل قطاع السياحة نسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
السياحة جسر للتواصل بين الشعوب بمختلف ثقافاتها وهي قطاع حيوي خاصّة بالنسبة إلى البلدان النامية لكن نموّها يفرض ضغوطات على الموارد وعلى البيئة. لذلك تقدّم السياحية البيئية أو السياحة المستدامة في صورة الحل البديل الذي يحافظ على البيئة بمختلف مكوناتها.
تُعرَّف السياحة المستدامة بأنها "شكل من أشكال التنمية السياحية التي يجب أن تجعل من الممكن تلبية احتياجات السياح مع الحفاظ على فرص المستقبل…" "فيلاس، 2006".
ولعلّ سياحة مراقبة الطيور تعتبر من أبرز أصناف السياحة البيئية لكونها شكل من أشكال مراقبة الحياة البرية.
كما أن هذا النشاط قد تطور بالكامل تقريبا حيث أصبحت المراقبة الحديثة للطيور متاحة إلى حد كبير من خلال تطوير وسائل المساعدة البصرية كالمناظير والتلسكوبات فضلا عن آلات التصوير الفوتوغرافي. وهذا ما مكّن الناس من الاستمتاع بمراقبة الطيور البرية ودراستها دون الإضرار بها، بشكل أفضل من أي وقت مضى.
I- السياحة البيئية :
1) مفهوم السياحة البيئية وأهدافها :
السياحة البيئية (Ecotourism) أو السياحة الصديقة للبيئة هي شكل من أشكال السياحة المستدامة ولها عدة تسميات مختلفة على غرار "السياحة الخضراء" / "السياحة الإيكولوجية" / "السياحة البديلة"/ "السياحة الزراعية"/ "سياحة الفضاءات المفتوحة" وغيرها من التسميات.
وهي في الواقع ظاهرة جديدة ومصطلح "السياحة البيئية" هو مصطلح حديث ظهر منذ ما يقارب ثلاثة عقود يعبر عن نوع جديد من النشاط السياحي الصديق للبيئة. حيث يمارس الإنسان، في بيئة طبيعية، نشاط سياحي يهدف إلى تأمل الطبيعة والإستمتاع بها واكتشاف مختلف مكوناتها من تضاريس ومناخ وكائنات حية وموارد مائية إلخ مع ضرورة المحافظة عليها بصفته مسؤول تجاهها.
وبالرغم من أن هذا المصطلح حديث إلا أن بعض تمظهرات السياحة البيئية كانت متداولة في بعض الأحيان كسياحة "السفاري" على سبيل المثال التي جذبت السياح إلى عدة مناطق إفريقية منذ عقود طويلة، بالإضافة إلى بعض الرحلات الطبيعية التي كان ينظمها البعض في المحميات الطبيعية .
وقد ازداد حجم الطلب السياحي على السياحة البيئية خلال السنوات الأخيرة مما دفع عديد البلدان إلى الإهتمام بها والمراهنة عليها خاصة الأقطار النامية والتي يملك أغلبها مساحات طبيعية شاسعة وبيئة طبيعية أو على الأقل بيئة لم يتدخل فيها الإنسان بصفة مؤثرة.
بشكل عام تحافظ السياحة البيئية على النظم الإيكولوجية(Ecosystems) كما تدعم المجتمعات المحلية إقتصاديا.
ولعلنا نعجز عن حصر فوائد هذه السياحة الصديقة للبيئة فهي حقا جمّة وأهمها:
✓ بناء الوعي البيئي لدى الناس.
✓ اكتشاف التنوع البيولوجي والحفاظ عليه.
✓ التعرف على الثقافات المحلية والحفاظ على التنوع الثقافي وتجسيد التبادل الثقافي.
✓ تمويل تشغيل المناطق المحمية التي غالبا ما تحتاج إلى توظيف عاملين.
✓ توفير فرص عمل بطرق مباشرة وغير مباشرة للسكان المحليين وإشراكهم في إدارة مشاريع السياحة البيئية.
✓ إطلاع الزائر على القضايا الإجتماعية والثقافية والبيئية للموقع الذي زاره.
✓ تركيز الضوء على مسؤولية الزائر في تعامله مع الأوساط البيئية والمجتمعات المحلية.
2) السياحة البيئية في تونس :
أمّا بالنسبة للسياحة البيئية في تونس فهي حديثة الولادة حيث حظيت بعد الثورة التونسية بموجة إهتمام أعداد غفيرة من التونسيين وخاصة فئة الشباب منهم. ولعل ذلك يفسَّر باصطدام طاقات الشباب المكبّلة بأهم مكاسب الثورة، أي الحرّيات.
إن إنتشار مظاهر الإقبال على السياحة البيئية بمختلف تمظهراتها في تزايد مستمر إلى اليوم، ويتجسد ذلك في تزايد الطلب على التخييم في الأوساط الطبيعية و على النزهات في الجبال والصحاري وغيرها من المناطق التي تزخر بالتراث الثقافي والطبيعي خاصة.
هذا الإهتمام المتزايد بالسياحة الإيكولوجية سيدفع بشكل مستمر الجهات المسؤولة القائمة بشكل مباشر وغير مباشر على قطاعات السياحة والبيئة والشباب والرياضة والتنمية الخ.. إلى التفاعل الجدّي والملموس مع هذه الظاهرة.
أما بالنسبة لمقومات السياحة البيئية فالبلاد تزخر بعدة وجهات سياحية محلية متوزعة على كامل ترابها من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها.
ورغم صغر رقعتها الجغرافية إلا أنه لا مجال لـ "سياحة رتيبة"، فجلّ الخصائص السياحية للمناطق تتغير حتما بتغيير المنطقة (بما في ذلك التضاريس والمناخ والمناطق الحضارية والطبيعية وحتى التنوع البيولوجي الخ...). فالطبيعة في تونس ثرية ومتعددة المظاهر بحيث أنها تثري مقومات السياحة البيئية التي نذكر من بينها الغطاء النباتي المتنوع والتضاريس المختلفة والمناخ المعتدل والثروات الحيوانية والسمكية.
السياحة البيئية ضرورية في بلد يراهن على السياحة بشكل عام كإحدى أعمدة الإقتصاد فهي تنوّع مصادر الدخل وتساهم في فك عزلة المناطق الريفية وتخفف الضغط على السياحة الشاطئية كما تساهم في الحد من ظاهرة النزوح من المناطق الداخلية فضلا عن تنميتها. لكنها في الواقع تواجه عدة صعوبات في أغلب المناطق كالبنية التحتية المهترئة أو المنعدمة وغياب المرافق اللازمة للزوار ووسائل النقل الشحيحة أو المنعدمة تماما خاصة بالنسبة إلى ربط المناطق الداخلية ببعضها البعض زد على ذلك غياب إستراتيجيا واضحة لتسويق منتوج السياحة البيئية وقلة المرشدين السياحيين المتكونين.
II- سياحة مراقبة الطيور
1) مفهوم سياحة مراقبة الطيور(FR: Tourisme Ornithologique ) :
مراقبة الطيور أو سياحة مشاهدة الطيور (ENG: Birdwatching) هي شكل من أشكال السياحة البيئية وبالتحديد شكل من أشكال مراقبة الحياة البرية. وممارستها تعتبر هواية في خانة الرياضات العلمية حيث تقوم على نشاط مراقبة الطيور البرية في بيئتها الطبيعية.
بدأت في منتصف القرن الثامن عشر مع ولادة أولى جمعيات علم الطيور في بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا. وفي القرن التاسع عشر كان طلاب العلوم المتعلقة بالطيور لا يزالون يستعملون البنادق حيث لم يتمكنوا من التعرف على أنواع الطيور غير المألوفة إلاّ عندما كانت جثّتها بين أيديهم.
أما في القرن العشرين فقد تطور هذا النشاط بالكامل تقريبا حيث أصبحت المراقبة الحديثة للطيور متاحة إلى حد كبير من خلال تطوير وسائل المساعدة البصرية كالمناظير والتلسكوبات فضلا عن آلات التصوير الفوتوغرافي. وهذا ما مكّن الناس من مراقبة الطيور البرية ودراستها دون الإضرار بها، بشكل أفضل من أي وقت مضى.
بالنسبة لمعدات مراقبة الطيور فهي متنوعة ومختلفة من مناظير وتلسكوبات وأدلّة الطيور وحتى أحيانا يكون اللباس ذو ألوان متناسقة مع ألوان مكان المشاهدة.
الأفراد الذين يمارسون مراقبة الطيور هم من أصناف مختلفة، فقد يكونون من هواة الطيور أو علماء الطيور أو المصورون الفوتوغرافيون أو سائحوا الطبيعة أو حتى عائلة عادية تستمتع بإجازتها في الطبيعة الخ..
ومعظم مراقبي الطيور(Birdwatchers) هم من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثين وخمسة وستين عامًا، وهم من ذوي مستوى أكاديمي عالي (في عام 2017 ، 90٪ منهم درسوا 5 سنوات على الأقل في الجامعة) .
كما أنهم من المؤيدين الأشداء للتنمية المستدامة والممارسات الصديقة للبيئة من قبل مقدمي الخدمات.
سياحة مراقبة الطيور تشهد أقوى تطور لها في البلدان الأنجلو ساكسونية ولعلّ بريطانيا هي خير مثال على هذا الجنون تجاه الطيور فالجمعية الملكية لحماية الطيور لديها أكثر من مليون عضو وتدير أكثر من 150 محمية.
ومن المفارقات أن بريطانيا ليست غنية جدًا بالطيور بسبب عزلتها ولذلك تعد فرنسا وجهة مميزة للجمهور الأنجلو ساكسوني في شمال أوروبا.
في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1991، مثل سوق سياحة مراقبة الطيور أكثر من 5.2 مليار دولار في أرقام المعاملات وحوالي مائة وتسعين ألف وظيفة.
2) مراقبة الطيور في تونس :
بدأ هذا النشاط في تونس منذ عام 1997 حسب المختصين، وذلك بالنظر إلى أنها تقع على أحد المسارات الثلاثة لهجرة الطيور من أوروبا، بالإضافة إلى تنوع الأوساط الطبيعية على رقعة جغرافية صغيرة.
كما أن تونس تقع في منطقة الإلتقاء بين إفريقيا وأوروبا وهي منطقة تحتوي تنوع كبير من الطيور حيث تمثل هذه الثروة الحيوانية رصيد كبير للتنمية السياحية وخاصة سياحة مراقبة الطيور.
سياح مراقبة الطيور الذين يزورون تونس كل عام يتراوح عددهم بين 3000 إلى 4000 ومعظمهم إنجليز.
من بين 8650 نوعا من الطيور في العالم تحتوي تونس أكثر من 380 نوعا منها 141 نوعا من الطيور المتوطّنة كصقر الشاهين وهو أسرع طير في العالم يعيش في المرتفعات الصخرية للتلال التونسية.
في تونس تتم ممارسة هذا النشاط في المناطق الطبيعية المحمية بشكل عام وأهمها المناطق المصنفة كمناطق هامة لحفظ الطيور (منطقة زيكو)(ZICO) ، والتي توفر ظروفًا مواتية لإستقرار الطيور كالموطن والغذاء وغياب التلوث الخ.. وهي 46 منطقة متنوعة (حسب تصنيف 2001) تتوزع على كامل جهات الجمهورية التونسية منها أرخبيلات كأرخبيل جالطة وأرخبيل زمبرة وحدائق وطنية كالحديقة الوطنية بإشكل والحديقة الوطنية بالفايجة وسباخ كسبخة السيجومي وسبخة الكلبية وبحيرات كبحيرة تونس وبحيرة البيبان وجبال كجبل الشعانبي وجبل الهوارية وسدود كسد لبنة وسد المصري الخ...
يعتبر فصل الربيع أنسب فصل لمراقبة الطيور، حيث تحل علينا آخر الطيور المهاجرة. وعديد الطيور تبدأ عملية التعشيش، فتكون نشيطة أكثر خلال هذا الفصل تدافع عن مسكنها وتبحث عن الإناث وتبني أعشاشها وتطعم الصغار.
خلال فصل الربيع تتعالى زقزقات الطيور و أنغامها خاصة عند الشروق وهو الزمن الأفضل من اليوم لمراقبة الطيور. ويتزين الذكور بريش جميل جدا و خاص بفصل الربيع هو ريش التزاوج وهو ما يسهل رؤيتهم خاصة قرب أعشاشهم أثناء حراستهم لها.
في فصل الصيف تصير الطيور متخفية ويقل عددها. ويرتكز نشاطها على إطعام صغارها فنراها تقضي كل نهارها تطير وتعود إلى عشها سريعا حاملة قوت فراخها. كما تقوم آنذاك بتربية الصغار وتعليمها الطيران أو السباحة أو الصيد الخ.. كذلك نلاحظ بقايا الريش في بعض الأماكن وذلك ما يدل على وجود طيور متخفية، فهي فترة تجديد الريش )عند نهاية شهر جويلية مثلا تكون السمامة الشائعة والوقواق الشائع قد غادرانا نحو الجنوب.)
أما في الخريف يبدأ موسم الهجرة، ملايين الطيور تعبر بلادنا حيث يتوقف أغلبها للإستراحة. هجرة الخريف أكثر إثارة للاهتمام من هجرة الربيع، حيث نجد الطيور الشابة التي لا تزال في هجرتها الأولى.
وفي فصل الشتاء، والذي يظنه البعض فترة فراغ بالنسبة لمراقبي الطيور، فإننا نجد عديد الطيور المهاجرة التي تقضي الشتاء معنا خاصة تلك القادمة من شمال وشرق أوروبا. وهو ما يجعلنا نتمكن من رصد عديد الطيور النادرة جدا كشمعي الجناح البوهيمي والحوام المسرول والقرقاف الشمالي طويل الذيل )فصل الشتاء هو فصل الطيور المائية بامتياز بالإضافة إلى بعض الطيور المقيمة أو الدورية كما يعرفها البعض كالسمنة والشرشور).
2- أ ) ظروف الأحوال الجوية
يمكننا رصد الطيور تحت كل الظروف الجوية لكن بصفة عامة تكون أكثر نشاطا خلال الأيام المشمسة التي لا تكون بها رياح قوية.
عند هطول الأمطار تضطر عديد الطيور المهاجرة إلى الهبوط والبحث عن مخابئ وهي فرصة ثمينة لرصد طيور غير مألوفة ببلادنا وهنا يمكن لمراقب الطيور البحث أكثر في المواقع المعزولة والمتخفية.
تحت الثلوج يخرج عدد قليل جدا من الطيور وفي هذه الحالة يمكن لمراقب الطيور تقفي آثار أقدامها على الثلج.
الريح هي الأخرى عامل أساسي في مراقبة الطيور ولذلك من الضروري معرفة إتجاهها قبل الشروع في عملية المراقبة لأنها تؤثر على تحركات الطيور. فمثلا الرياح القادمة من الشمال تدفع الطيور نحو السواحل التونسية وهو ما يوفر عملية مراقبة جيدة جدا.
خلال موجات الحرارة يجدر بمراقب الطيور التوجه نحو المواقع الرطبة كالبحيرات والسبخ فهي تستقطب الطيورا أكثر من المعهود خلال موجات الحر.
2- ب ) الرداء والمعدات
يجب على مراقب الطيور أن يتخفى لأقصى درجة، وبالتالي عليه أن يتجنب ارتداء ملابس ذات ألوان حية حيث من الأفضل أن تكون متناسقة جدا مع المنظر العام لموقع المراقبة. كذلك من الأفضل عدم ارتداء ملابس خفيفة فالجثوم لساعات المراقبة الطويلة دون تحرك يخفض حرارة الجسم كثيرا.
بالنسبة للمعدات فالمناظير تكون كافية، بالإضافة إلى آلات التصوير المختلفة ودليل الطيور وملفات صوتية تساعد على التعرف على الطيور من خلال أصواتها.
خلاصة
تعد الطيور الموجودة في كل مكان مؤشرات قيمة لحالة التنوع البيولوجي وتدل على مقاييس حقيقية للتغير البيئي.
وبالنظر إلى ثروة المناطق الهامة لحفظ الطيور والمناطق المحمية ومواقع رمسار فإن تونس تعتبر موطنا لملايين من الطيور المهاجرة والمقيمة والتي من بينها العديد من الأنواع المهددة بالإنقراض بسبب الضغط المتزايد باستمرار على الطيور وعلى الحيوانات بصفة عامة من الأنشطة البشرية وتقلبات الطبيعة. وهو ما يعجل بضرورة تكثيف ممارسات حفظ هذا التراث الحيواني وتثمينه. ولضرب عصفورين بحجر واحد، يكون هذا التثمين عبر إدراج مسالك لمراقبة الطيور ضمن مسالك السياحة البيئية في سياق التشجيع على ممارسات السياحة المستدامة عامّة. وفي الآن ذاته يتم تحقيق الجانب التوعوي بأهمية الثروات الحيوانية وأهمية التراث الطبيعي بشكل عام وبالتالي تيسير عملية نقله للأجيال اللاحقة كهدف أسمى.
بيبليوغرافيا
بقلم م. ضياء حمودي
ناشط مناصر للبيئة وطالب باحث في علم
المجال والمجتمع والذاكرة في التاريخ